الوضع في الصحراء بحاجة الى توجيه عاجل نحو تنمية فعلية حقيقية أولوياتها و محورها البشر لا الحجر
بقلم / الدكتور الطالب بويا زايدنا
الصمت حين يكون الكلام واجبا تخاذل و تهاون اتجاه ماهو مناط بكل باحث و مهتم من أبناء و نخب هذه الأقاليم.
مناسبة القول مداخلة تقدمت بها بالأمس موسومة ” رصد لمسار” التنمية” بالاقاليم الجنوبية ” في إطار فعاليات النسخة الأولى من منتدى الصحافة و الإعلام المنظمة من قبل الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بجهة العيون الساقية الحمراء بتاريخ 2 دجنبر 2025 بالعيون حيث وقفت خلالها على اعطاب المقاربات السابقة و ما خلفته من اختلالات ظلت تتجدد بصيغة او باخرى حتى كادت تعصف بكل الجهود المبذولة.
و بذلك وجب القول بان التنمية ظلت مصدر قلق و توتر دائمين ؛ لان الحديث عن التنمية هو الحديث عن النموذج التنموي و الحديث عن النموذج التنموي هو حديث عن التنمية الشاملة التي تستوجب العمل على ضمان حق الحماية من البطالة باعتبارها تحد اجتماعي يضع السياسات العمومية امام تحدي الادماج المرتبط بالحق في تأمين معيشة الانسان و الادماج الاقتصادي و الاجتماعي للساكنة ، لان التنمية تعالح بسياسات عادلة لان الحل دائما يكون من الداخل ، وفق منطق دبلوماسية تحديات الداخل و مكاشفة الخارج.
فالمسيرة التنموية لهذه الأقاليم تحكمت فيها مواجهة صعاب و تحديات كبرى على مستوى قضايا البطالة ، فمنذ نهاية التسعينيات و العشرية الأولى للألفية الثالثة ظل العنوان البارز لهذه المرحلة هو ان التنمية أضحت تتجسد في ارتفاع وتيرة الاحتجاجات كأحد الاشكال غير التعاقدية لتقييم السياسات العمومية (سياسات رد الفعل ) هذه الفترة عرفت ارتهان السياسات التنموية لهيمنة المنطق الأمني مما ضاعف من ادلجة التنمية لمحاصرة تنامي الفعل الاحتجاجي مما اعطى مفهوما عكسيا للتنمية و ساهم في تاجيج الصراع و خلخلة بنية العلاقة بين المواطن و الدولة و بالتالي بروز ازمة الثقة و اتساع المساحات بين المحتجين و صناع القرار و ربما يعود ذلك الى اعتبارات يرتبط جزء منها فيما اعلم :
بتحديات ذات طابع تنموي فعلى الرغم من الإنجازات الملموسة هناك تحديات تواجه التنمية المستدامة و البشرية ذلك ان المفارقة تكمن في ان ما يرصد لهذه الأقاليم من استثمارات لا يتوافق مع نوع المطالب الاجتماعية.
يستوجب الامر تقييم فعلي للسياسات العمومية لكي لا تبقى الانحرافات شكلا غير تعاقدي لتقييم السياسات العمومية و الحد من الفوارق الاجتماعية و المجالية.
و جزء اخر ربما في ما اعلم يتعلق بضعف جاذبية مناخ الاعمال و غموض في المجال الجبائي و الغياب التام للقطاع الخاص مع تداعيات المقاربة الأمنية وربما بعض الإشكالات الأخرى المرتبطة بالخصوصية و منها عاملان :
محدودية اليد العاملة المؤهلة في مجالات تقنية وصناعية دقيقة على مستوى الجهة.
ارث مقاربات العقدين السابقين ( المراهنة على انتظار استيعاب الميزانية العامة لمشكل العطالة )
اما خلال العشرية الثانية للألفية الثالثة ستقف الدولة على مفارقات عجيبة بين ما يرصد لهذه الأقاليم من استثمارات و نوعية المطالب الاجتماعية غير المحققة وذلك بناء على معطيات وفرتها تقارير رسمية منها :
تقرير لجنة تقصي الحقائق التي امتد عملها من 27 نونبر2010 الى 12 يناير 2011.
تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي 2012 بتاريخ 10 يونيو 2021 انجزت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي المقترح للبلاد تقريرها حول التنمية بالاقاليم الجنوبية.
على ضوء هذه المعطيات تم السعي الحثيث الى ضرورة تخليص السياسات العمومية من هيمنة المنطق الأمني و بلورة دينامية تنموية جديدة تقوم على متطلبات الاستدامة و الديمقراطية التشاركية و التماسك الاجتماعي على أساس ان تكون موجهة صوب خلق الثروات و مناصب الشغل.
غير أنه و بعد مرور سنوات من تنزيل عقود البرامج المهيكلة الكبرى جاء تقرير اللجنة الخاصة باعداد النموذج التنموي بالاقاليم الجنوبية سنة 2021 ليقف من جديد شاهدا على استمرار اكراهات تضمنت تشخيصاً لأعطاب النموذج الحالي ومقترحات لاعتماد نموذج جديد لتحقيق إقلاع تنموي اقتصادي في أفق سنة 2035 مما يتطلب توجيه الاهتمام ل :
1/ القطاعات الإنتاجية ( كالفلاحة و الثروة الحيوانية و الصيد البحري ، تثمين الفوسفاط ، الصناعة التقليدية و السياحة…)
2/ القطاعات الاجتماعية و لاسيما التعليم و الصحة و اثرهما الإيجابي في تحقيق اهداف التنمية المستدامة…
ختاما يبقى الوضع بحاجة الى توجيه عاجل نحو تنمية فعلية حقيقية أولوياتها و محورها البشر لا الحجر.