الخير كله قادم من الشرق و مستهل ريحه اعادة ترميم مقر السفارة الجزائرية بالرباط

0 139

 

بقلم/ الاستاذ ابراهيم ازرقي

 

عادة و تاريخيا ما اقترن توظيف مفهوم الشرق في سرديات الادب السياسي الى التموقعات الجيوسياسية للدول التي كان تنتمي لما كان يعرف بالمعسكر الشرقي، و ما حمله بالماضي من ارتدادات لمده الشيوعي من الصين و روسيا الى دول الجوار، و هو ما اسس لبعث ايديولوجية وعقيدة عسكرية مختلفة جذريا عن مدارسنا السياسية المتوارثة بالمغرب.

و انا اتجول بالامس القريب قبل مستهل الصيف بالعاصمة، استوقفتني اشغال اعادة ترميم السفارة الجزائرية بالرباط، وانا على مشارف محيطها حضرني على التو هذا السؤال، هل آن الاوان بان تعود مياه العلاقة الديبلوماسية بين المغرب و الجزائر الى مجاريها؟ وبقي عالقا في ذهني بدون جواب الى اليوم، بحيث على ما يبدو بان اوراق الوساطة الامريكية بخصوصها قد تهيأت و نضجت لدعوة اطراف النزاع للجلوس حول ملف الصحراء المغربية، فهل يا ترى كان من الطبيعي بان تكون التوطأة لهذه الخطوة الهامة ما سيبرر لنا تفعيلها على ضوء القرار الاممي 2797 من مقر الامم المتحدة بنيويورك، تم الاشتغال عليها بالتوالي في المستقبل القريب من بوابة الوكيل الفرنسي عبر تحريك شجرة القيادة الجزائرية، و دعوة زعاماتها للنزول من اعلاها للجلوس على طاولة المفاوضات الثنائية و التلاثية و الرباعية و…الخ في اجل (6)ستة اشهر، تم تاطيرها مسبقا تحت عنوان تقييم محصلة المفاوضات بين الاطراف على ضوء القرار الاخير.

فبالمنطق البراغماتي و ما يتمتع به الزعيم ترامب اليوم من اغلبية في مجلس الكونغرس الامريكي ما سيخول له الفرصة التاريخية في تمرير الكثير من القرارات و التي تدحرجت في الماضي ما بين الرفض و القبول بين فريقي الجمهوريين و الديموقراطيين الامريكيين، مما يفترض ان يرجح احقاق مبتغى حلحلة ملف الصحراء المغربية على الارض بنسبة عالية بإذن الله؛ و لعل ان ما يعرضه صاحب الجلالة الى الاخوة الاشقاء الجزائريين من مد ليد المصالحة ما يكفي للفهم بان الجزائر مطالبة بالتفاعل الايجابي مع هذه المبادرة و بان تعيد ترتيب اولويات الاستعجال في اداء سياستها الخارجية امام المستجدات الطارئة في كيفية التماهي الامريكي و الفرنسي في ادارة ملف قضية الصحراء المغربية.

و لعل ان قطع الجزائر للعلاقات الديبلوماسية مع جارتها المغرب لم يعد مقبولا و منطقيا بعد صدور القرار الاممي 2797 حول مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كاساس لحل ملف قضية الصحراء المغربية، بحيث كونه قد حدد في طياته تحديد مدة ستة اشهر لتقييم النتائج المتمخضة عن المفاوضات التي ستجرى بين المغرب و الجزائر و البوليساريو و موريتانيا، و بالتالي ضمنيا فلقد اسقط في الماء ورقة قطع الجزائر لعلاقاتها الديبلوماسية مع المغرب، و فرض لزومية احترام الشكل القانوني للتفاوض بين الاطراف، و هو ما سيقتضي حتما تعيين سفراء جدد واعادة الاشتغال الديبلوماسي للسفارة الجزائرية بالرباط.

ان التوجس الامريكي من عودة الصين القوية الى افريقيا، و ما اصبحت حليفتها روسيا تتراقص به على الدور الفرنسي المتهاوي في اداءه على الساحة الافريقية، ما يكفي لتفسير قلق الرئيس الامريكي و تخوفه من القادم من شر الشرق، والذي كان و لايزال منذ الامس مصدر التهديد الوجودي للغرب.

ان امتناع روسيا و الصين بالامس عن التصويت، يترجم حضور هذا الشرق في تمثيل الشرعية الدولية و مدى تاثيره في القرارات المصيرية لدول شمال افريقيا، ما يجعلنا نجزم القول بالفعل لفهم مغزى عبارة الخير كله قادم من الشرق و الذي يوحي لنا اليوم بانه قد اصبح قادما من الغرب كذلك، على اعتبار ان الصحراء المغربية ستتحول الى باب خير لوطننا المغرب ولاتحاد دول المغرب العربي بجميع انتماءاتهم و تمثيلياتهم كيفما كانت الفرضيات و الخيارات المتاحة و المطروحة على الطاولة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.